اليوم: أكتوبر 19, 2024

Blog Post

مقام حسن الذوق

الذوق مخرجش من مصر

عندما تستمع لمقولة “الذوق مخرجش من مصر” لأول وهلة، يتبادر إلى ذهنك أن المقصود هنا هو قواعد اللباقة والاحترام والأدب ولكن ما أقصده هنا هو ليس اللفظ, ولكن أقصد “حسن الذوق”.

حسن الذوق

اختلفت الروايات حول حسن الذوق ولكن الأكثر انتشارًا والأكثر ترجيحًا هي أنه كان (فتوة)، وهذا اللقب كان يتم إطلاقه قديمًا على حاكم كل منطقة الذي كان يحكمها بقوته وسيطرته بعيدًا عن طائلة القانون.

مقام حسن الذوق
مقام حسن الذوق

تم دفنه عند باب الفتوح وهو أحد أبواب شارع المعز العريق الذي من النادر أن تجد مصري لم يزره مرة على الأقل، “الذوق” صاحب المقام صغير الحجم, حيث يعد أصغر مقام في مصر عند باب الفتوح فمن هو وما هي قصته هذا هو موضوعنا اليوم.

فكان أمره نافذ على الجميع وحكمه في الأمور المُختلفة هو الواقع وعلى الجميع طاعته. وكان هناك رجال يتبعونه وفتوات تحت إمارته لتنفيذ حكمه، وكان “الذوق” وهو لقب وليس اسم أطلقه عليه الناس لدماثة خلقه وقربه من الناس وشدة لطفه معهم.

وكان الشائع وقتها عند الناس إطلاق ألقاب على بعضهم البعض حسب سلوكيات أو مسقط رأس أحدهم، مثلما أطلقوا أبو الدهب على أحد المماليك لتوزيعه عملات ذهبية على الناس جمعاء حين توليه منصب الخازن دار أو وزير المالية في عصرنا هذا.

أما عن مهنته فكان واحد من تجار حي سيدنا الحسين -رضي الله عنه- وأرضاه، والعصر الذي عاش فيه ودارت فيه أحداث قصته هو العصر المملوكي, عاش “الذوق” عزيزًا وَسَط قومه يُحبه ويُقدره الجميع، ولكن كالمثل القائل دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، اختلفت فتوات المنطقة التي تقع تحت حكمه، ووصل خلافهم لدرجة إدراج الدماء. حينها صاح الذوق بينهم ليتوقفوا عن الاقتتال، وحَكَم بينهم كما كان يفعل دائمًا بالحق وأن يأخذ كل ذي حق حقه بالوضع الذي فيه رضى الله، ولكن لم يستمع لنصحه أو لحكمه أحد من أطراف النزاع وقتها.

أصل خروجه من مصر

ما حدث بعدها هناك روايتان له الأولى أنه غضب لعدم طاعتهم له وقرر الخروج من مصر، والثانية أن الذوق وباقي الفتوات تم القبض عليهم من قِبل رجال الأمن وقتها عندما اشتد القتال بينهم. وعندما رأت الجهات المُختصة وقتها أن ماحدث يقع تحت طائلة أحداث الشغب وشَعُرت بالقلق من هؤلاء فقد صدر حُكم وقتها بسجنهم وقد حاول هو أن يُبطله ويُنقذهم من براثن السجن لكنه طلبه قوبل بالرفض, حينها شعر بطعنة في كرامته كفتوة فقرر الخروج من مصر وقيل كذلك أن تحذيرات وصلت إليه من بعض الناس أن الحاكم وقتها ينوي قتله فقرر أن يترك البلدة.

باب الفتوح
باب الفتوح في حي الجمالية | جريدة عيون الغد

وفاة الذوق

تناثر كلام مختلف حول واقعة وفاة الذوق، ولكن ما اتفق عليه الجميع من أهل التخصص أن مكان دفنه هو عند باب الفتوح عند مقامه الموجود حاليًا. أما عن سبب الوفاة فحسب الرواية الأولى أنه بعد اختلافه مع الفتوات ومحاولة خروجه مات على باب القاهرة وقتها وقرر الناس دفنه حيث مات وبنوا حوله مقام.

وحسب الرواية الثانية فأنه بعد خروجه هاربًا من الحاكم الذي كان يريد قتله نام قليلًا عند الباب بعدما أصابه التعب فكتب الله عليه الموت حينها. وفي آراء مختلفة تمامًا أن الحاكم أدركه عند الباب وقام بقتله ووجده الناس في اليوم الذي يليه مقتول، وفي كل الحالات قرر الناس دفنه مكان موته. الذوق كان رجل من رجال الله حكم بين الناس بالعدل وعاش بالاحترام وقول الحق وحسن معاملة الناس.

✍️ رضوى محمد متاريك

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع أيضاً