روفيده عبد النبي
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أو بما يعرف ب (السوشيال ميديا) من أكثر الأدوات تأثيرًا على الأطفال والمراهقين، حيث الفئات العمرية ما بين ٣ إلى ١٧ عاما، لا يوجد أحد من هذه الفئات لا يعرف استخدام موقع، أو التصفح على الإنترنت، أو التحدث مع أي أحد خارج نطاق العالم الواقعي.
بدايات وجود السوشيال ميديا
كانت بداية ظهور السوشيال ميديا على هيئة منتديات، كانت في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين ميلاديًا، حيث أتاحت التواصل والمناقشة في مواضيع مشتركة، مما شكل نقلة نوعية في عالم الاتصالات.
وأول منصة للتواصل عرفت في أنذاك موقع “كلاس ماتس”، وكانت مهمتها ربط الأشخاص بعضهم البعض بناء على علاقتهم الشخصية، وسمحت بإنشاء ملفات تعريفية خاصة، وتواصل مع الأصدقاء، والعائلة، ومشاركة المعلومات الشخصية.
من ثم بدأت الثورة الرقمية من بداية انتشار منصات عديدة (منها “ألفيس بوك” و “اليوتيوب”)، وكانت تتميز بالأسلوب التفاعلي، وسهولة الاستخدام، أدى إلى زيادة عدد مستخدمي الإنترنت من شتى أنحاء العالم.
ولم يتوقف التطور على ذلك الحد، بل تم ضمن منصة “التيك توك”، والتي ركزت على مشاركة المحتوى السريع والموجز، مثل الفيديوهات القصيرة التي يتم نشرها هناك، مما ساهم في التواصل مع العالم الخارجي.
التأثير الإيجابي للسوشيل ميديا من حيث التعلم والتطوير من الذات
مع التطور الرقمي الحالي، أصبحت أغلب المؤسسات التعليمية، تحاول أن تستغل وجودًا مثل هذه المنصات، على تعليم الأطفال والمراهقين، حيث ضمت العديد من الأبعاد للتأثير الإيجابي منها:-
1- التعلم:
حيث وفرت مكتبة ضخمة، حيث من الممكن من إي شخص البحث عن معلومات بسهولة وبسرعة، ووفرة محتوى تعليمي متنوع في مختلف المجالات، وأتاحت فرصة مشاركة في المجموعات التعليمية، ونقاشات التفاعلية، مما جعل الطفل أو المراهق يتمكن من تنمية معرفته الشخصية أو الثقافية، وساعد على تحفيز تعلمه الذاتي، واكتشاف مهاراته وتطويرها.
2- التعبير عن الذات:
حيث وفرت مساحة للتعبير عن الذات خلال مشاركة صور، أو مقاطع فيديو، أو الكتابة، وأتاحت فرصة المشاركة بأفكارهم، ومشاعرهم مع الجمهور الواسع، وساعدت على إنشاء هوية رقمية مميزة تعكس شخصية المستخدم واهتماماته، مما ساعد على تنمية الثقة بالنفس والشعور بالرضا وتقدير الذات والانتماء.
كيف استغلت المؤسسات التعليمية “السوشيال ميديا” للمساعدة على التعلم؟
جعلت هذه الميزات، العديد من المؤسسات التعليمية بحاجة إلى تدخل من قبل هذه المنصات؛ للمساعدة على التعلم، حيث:
1- دمج برامج محو الأمية الرقمية في المناهج الدراسية:
حيث ضمت العديد من المناهج التعلم، تعليم المراهق كيفية التعامل مع السوشيال ميديا بشكل مسؤول، وتوعيهم بمخاطر الإنترنت، وكيفية حماية أنفسهم، وتعليمهم كيفية تقييم المعلومات والصور ومقاطع الفيديو قبل النشر، ومساعدتهم في اكتشاف مهارتهم الجديدة، وتطويرها من خلال هذا الموقع.
1- تنظيم ورش عمل حول مخاطر وفوائد “السوشيال ميديا”:
حيث تتم مناقشة مخاطر التنمر الإلكتروني، والبعد عن الإدمان الإلكتروني، وتعليمهم كيفية التعامل مع المحتوى غير اللائق ومساعدتهم على تنمية مهارات التواصل الحقيقية.
3- مراقبة ومتابعة تصرفات الطلاب:
حيث يتم وضع ضوابط وقوانين واضحة لاستخدام الإنترنت في المدارس، مع تحديد مدة الاستخدام والأنشطة المسموحة بها، وتوفير برامج مراقبة لحماية الطلاب من المحتوى غير اللائق والمواقع الضارة، وتعيين مرشدين طلابيين مدربين على التعامل مع مشاكل التي قد يواجهها الطلاب بسبب استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
محاولات المؤسسات التعليمية للحد من سلبيات “السوشيال ميديا”
وهنا تأتي جملة (لكل شيء به مميزات، توجد عيوبًا مساوية لعدد المميزات)، ومن عيوب “السوشيال ميديا” “الإدمان الإلكتروني”، وهذا النوع من العيوب يحتاج العديد من الجهود للبعد عنه، حيث “الإدمان الإلكتروني” هو أحد أنواع الإدمان الأكثر شيوعا بين الأطفال والمراهقين، وللحد من خطر وجود “الإدمان الإلكتروني” بين الطلاب، تتيح المؤسسات التعليمية بدائل إيجابية، مثل: تنظيم أنشطة، وأندية رياضية، وثقافية، وفنية لتمنية مهارات الطلاب، وإشغال أكبر قدرا من أوقات فراغهم، وتشجيع الطلاب على المشاركة في الأنشطة التطوعية والمجتمعية؛ لتعزيز مهارات التواصل الاجتماعي الواقعي لديهم، وتوفير بيئة مدرسية إيجابية تعزز شعور الطلاب بالانتماء والقبول، وتقلل رغبتهم في البحث عن القبول على الإنترنت.
نتائج محاولات المؤسسات التعليمية للحد من سلبيات “السوشيال ميديا”
وهذا يجعل الطالب قادرًا على زيادة الإنتاجية، بمعنى، يحسن من تركيزه ومستواه الدراسي، يكون له قدرة على إنجاز المهام، ويقلل من التشتت الانتباه، أي أن لن يتأثر بوجود عقله فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، وسيحسن من أنماط النوم، يقلل من الإرهاق، ويزيد من النشاط البدني وممارسة الرياضة المتنوعة، وتحسين التغذية وتقليل من السلوكيات غير الصحية.
ومثل هذه النتائج يحتاج مجهود كبير من أفراد المجتمع، والعائلة، والأصدقاء لتواجدها، حيث من الصعب المؤسسات التعليمية وحدها، تثمر بمثل هذه النتائج.